أخبار محلية

الشيخ المهندس محمد المقرمي… رحيلٌ يلامس القلوب وامتدادٌ لنورٍ لا ينطفئ

اليمن الغد
الصحفية سمية

في الساعات الأولى من فجر الأربعاء، وفي أطهر بقاع الأرض مكة المكرمة، وفاة الداعية محمد المقرمي حياة الشيخ والداعية اليمني البارز محمد المقرمي، بينما كان يستعد لأداء صلاة الفجر.

رحل بهدوء يشبه سَمْته ووقاره، تاركاً خلفه مسيرة ممتدة لخدمة القرآن والدعوة، وإرثاً روحياً ظلّ أثره عالقاً في قلوب الآلاف داخل اليمن وخارجها.

من الهندسة إلى القرآن: تحوّلٌ صنع منه مدرسة فكرية وروحية

وُلد الشيخ محمد المقرمي محباً للعلم، وبدأ مشواره مهندساً في مجال الطيران المدني، حيث برع في التقنية والتحليل والدقة. لكن التأمل العميق قاده إلى نقلة كبرى؛ إذ اختار أن يترك الهندسة خلفه ليقف بين يدي كتاب الله.

دخل في عزلة قرآنية استمرت ست سنوات كاملة، يتلو ويتدبّر ويخلو بنفسه، حتى بلغ درجة من الأنس بالقرآن جعلته – كما نقل الكاتب خالد بريه – يختم القرآن في يوم واحد.
هذه التجربة الاستثنائية شكّلت أساس منهجه الذي اشتهر به لاحقاً:

ربط الآيات والنظائر وقراءتها كأنها صفحة واحدة متكاملة.

الشيخ المهندس محمد المقرمي
الشيخ المهندس محمد المقرمي

منهج تدبّر عميق… ولغة روحانية تُنير الطريق

لم يكن الشيخ مقرئاً فحسب، بل كان صاحب قراءة مختلفة للنصوص؛ قراءة تجمع بين:

  • عمق المعرفة

  • شفافية الروح

  • القدرة على كشف اللطائف القرآنية التي لا تراها في كتب التفسير التقليدية

كان يربط بين القرآن والحديث في رؤية واحدة، ويحلّ العقد العلمية والروحية ببساطة تُدهش من يستمع إليه.
طلابُه يصفونه بأنه:
“يكشف الغموض كأنه يزيح ستاراً عن معنى كان ينتظر أن يُرى”.


سَمْتٌ رباني وتواضع يسبق العلم

تميّز الشيخ المقرمي بتواضع نادر؛ يجلس بين الناس كأحدهم، يستمع أكثر مما يتحدث، وحين يتكلم يقول: «هذا رزقكم».
كان يُبعد الناس عن التعلّق به ويوجههم إلى الله قائلاً:
«من وجد الله ما افتقد شيئاً، ومن اعتصم بالله فقد هُدي إلى صراط مستقيم».

ويصفه خالد بريه:
«أصدق لهجةً وأصفى روحاً ممن عرفت… الجلوس معه يشبه الجلوس مع رجل موصول بربه».


انتشار عابر للحدود… وإرث رقمي باقٍ

لم تتوقف دعوته عند حدود اليمن؛ بل وصلت خطبه ودروسه إلى دول متعددة.
بعض محاضراته فُرغت وطُبعت وأصبحت مرجعاً للدعاة والباحثين.
كما ترك وراءه إرثاً رقمياً مهماً عبر:

  • اليوتيوب

  • التطبيقات الصوتية

  • برامج البودكاست

وكان آخر ظهور له قبل أيام فقط في بودكاست «علوم»، حيث روى رحلته من الهندسة إلى التدبر، وطريقته في معالجة شتات العقل بالعودة إلى القرآن.


حزنٌ واسع ودعواتٌ لا تنقطع

ضجّت منصات التواصل بنبأ رحيله، وتدفقت كلمات النعي من طلابه ومحبيه الذين وصفوه بـ:
«داعية رباني وقدوة نادرة».
وقال آخرون إنهم كانوا يخرجون من دروسه “وكأنهم خرجوا من الجنة” لما يجدونه من سكينة وثبات وإيمان.


اللهمّ ارحم الشيخ محمد المقرمي

نسأل الله تعالى أن يتغمد الشيخ المهندس محمد المقرمي بواسع رحمته،
وأن يرفع درجته في عليّين،
ويسكنه الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين،
وأن يجعل ما خلّفه من علمٍ ونور في ميزان حسناته.

تمت مراجعة هذا الخبر وفقًا لسياسة التحرير الخاصة بـ اليمن الغد.
الصحفية سمية – إعلامية في الشؤون المحلية
سمية الجابري كاتبة سياسية في «اليمن الغد»، تكتب تقارير وتحليلات عن الشأن اليمني والعربي، مع تركيز على السياسات العامة والتحقق من المعلومات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى