عيدروس الزبيدي بين الجنوب والدولة الاتحادية: أين يتجه الرجل الأقوى في عدن؟
مَن هو وما مصير «الجنوب العربي»؟

في لحظة سياسية يختلط فيها صوت السلاح بصوت الدبلوماسية، يبرز اسم عيدروس قاسم الزبيدي كأحد أبرز الشخصيات التي أعادت رسم ملامح المشهد الجنوبي في اليمن خلال السنوات الأخيرة.
وبين واقع مليء بالتناقضات وآمال معلّقة على الحلول السياسية، يظل الزبيدي أحد أهم الأوراق المؤثرة في مستقبل البلاد، خصوصًا بعد صعوده إلى موقع نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي.
من الضالع إلى عدن رحلة صعود سياسي غير تقليدية
وُلد عيدروس الزبيدي في محافظة الضالع جنوبي اليمن، وبرز مبكرًا كقائد ميداني خلال الحروب ضد الحوثيين في 2015، قبل أن يتحول سريعًا إلى رمز سياسي للتيار الجنوبي الداعي لاستعادة الدولة السابقة.
تجربته العسكرية والسياسية جعلت منه شخصية مقبولة لدى شريحة واسعة من الجنوبيين، الذين رأوا فيه القائد القادر على التفاوض والمواجهة في آن واحد.
بين المجلس الانتقالي والدولة اليمنية توازن على حافة التناقض
منذ تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي عام 2017، يمسك عيدروس الزبيدي بخيوط معقدة بين مشروع “التمثيل الجنوبي” من جهة، ومشاركته في “مجلس القيادة الرئاسي” الذي يمثل الدولة اليمنية من جهة أخرى.

هذا التوازن الهش بين الهوية الجنوبية والشرعية الدستورية يشكّل جوهر التحدي أمام الزبيدي، الذي يسعى لإقناع الداخل والخارج بأنه “رجل المرحلة” القادر على جمع الأطراف لا تفريقها.
محللون يرون أن الزبيدي يحاول إعادة تعريف القضية الجنوبية بلغة سياسية جديدة، تجعلها جزءًا من مشروع الحل الوطني لا مشروع الانفصال فقط.
علاقة معقّدة مع الحكومة والتحالف العربي
رغم شراكته في مجلس القيادة، فإن العلاقة بين الزبيدي وبعض مراكز القرار في الحكومة الشرعية تمرّ أحيانًا بموجات من التوتر، خاصة عند الحديث عن إدارة عدن وملف الأمن.
لكن الرجل يحافظ على خطوط اتصال مفتوحة مع التحالف العربي، خصوصًا مع الإمارات، التي تعدّ الداعم الأبرز للمجلس الانتقالي منذ تأسيسه.
تحركات الزبيدي الخارجية خلال العامين الأخيرين، ولقاءاته مع مسؤولين غربيين وعرب، تعكس سعيه لتقديم نفسه كصوت سياسي معتدل من الجنوب يمكن التعويل عليه في أي تسوية قادمة.
دور متصاعد في الإقليم.. وعيون على مستقبل اليمن
في ظل الجمود السياسي وتوقف المشاورات الرسمية، أصبح للزبيدي حضور متزايد في الملفات الإقليمية، خصوصًا تلك المتعلقة بملف البحر الأحمر وباب المندب، حيث يمتلك الجنوب أهمية استراتيجية كبرى.
ويرى مراقبون أن الزبيدي يسعى لتثبيت موقع الجنوب في معادلة الأمن الإقليمي، بما يجعل أي حل سياسي مستقبلي مستحيلاً دون تمثيله.
إلى أين يتجه عيدروس الزبيدي
رغم الدعم الشعبي الذي يحظى به في المحافظات الجنوبية، إلا أن الزبيدي يواجه تحديات داخلية كبيرة، أبرزها:
-
تعدد القوى داخل الجنوب وصعوبة توحيد الصف.
-
تزايد الضغط الدولي للحفاظ على وحدة اليمن.
-
هشاشة الوضع الاقتصادي والأمني في عدن.
ورغم ذلك، يبدو أن الرجل لا يزال يحتفظ بقدرة استثنائية على المناورة، ويواصل تعزيز حضوره كرقم صعب في المعادلة السياسية اليمنية.
خلاصة تحليلية
يبدو أن عيدروس الزبيدي اليوم يقف في مفترق طرق بين مشروعين:
-
مشروع وطني يسعى إلى بناء دولة اتحادية جديدة.
-
ومشروع جنوبي يريد استعادة هوية ما قبل الوحدة.
نجاحه أو فشله في تحقيق التوازن بين هذين المسارين سيحدد إلى حدٍ كبير ملامح مستقبل الجنوب واليمن بأكمله.